الحث على الاتباع وتجنب الابتداع
-----------------------
قضايا في الاعتقاد
الاتباع
-----------------------
محمد الداه بن أحمد الشنقيطي
نواكشوط
جامع الشرفاء (جامع القرآن)
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- أقسام الناس عند بعثة النبي . 2- اجتهاد النبي في الدعوة إلى الله حتى أعز الله
به الدين وقمع به الشرك. 3- الحذر من التشبه بالكفار والبعد عن أحوالهم وصفاتهم.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم بعد فترة من الرسل وإنقطاع
من الوحي حيث عبدت الأوثان والأهواء ومقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا
من أهل الكتاب ماتوا قبل البعثة النبوية، فلما بعثه الله ليتمم به صالح الاخلاق
وجد الناس على أقسام ثلاثة: عرب على الوثنية والشرك بأنواعه، ويهود غضب الله تعالى
عليهم لعلمهم وعدم عملهم بعلمهم وتحريفهم لكتابهم وكذبهم على الله تعالى، ونصارى
قد ضلوا السبيل فعبدوا الله تعالى بالبدع والأهواء والجهل ورهبانية ابتدعوها.
فقام فيهم الوحي ينزل عليه يدعوهم ويعلمهم ويصحح لهم ويصلح الفاسد حتى هدى الله
لدينه من كتب له السعادة، وأضل عن الحق من كتب عليه الشقاوة، واستقر التوحيد
والدين وعلمت حدود الشرك وأسبابه وعرفت الشرور والمفاسد كلها، فاتبع المسلمون الحق
واتبع الكافرون الطواغيت، فقرأ المصلون في الفرائض خمس مرات في اليوم: أهدنا
الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين .
وتلوا في كتاب الله تعالى حال اليهود ليجتنبوه: قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً
الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً أولئك الذين كفروا
بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلانقيم لهم يوم القيامة وزناً .
وقال تعالى: قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل
منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت ، وقال: ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب
الله عليهم ماهم منكم ولا منهم يعني ليسوا بيهود ولا مسلمين – أي هم المنافقون.
فلا أحد يحلل لنا ماحرم الله، ولا أحد يحرم غير ما أحل الله اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أرباباً من دون الله .
مخالفة تامة في الأحكام والعادات الخاصة بهم، لانستقبل قبلتهم ولا نصلي صلاتهم
ولانصوم صيامهم ولا نتشبه بهم في أعيادهم ومواسمهم ولا نفرح بفرحهم ولا نحزن
بحزنهم، ولانعقد عقودهم ولانتحاكم إلى محاكمهم، ولانرضى أن تجرى علينا أحكامهم
ولانقلدهم في أعرافهم، ولا نمشي مشيتهم، ولانتكلم بدون حاجة لغتهم، ولانرطن
رطانهم، ولانعتمد لبس ملابسهم، ونتجنب الجري وراء موضاتهم وتسريحاتهم وحلقاتهم
وتقصيراتهم المكدرة والمدورة ولانحضر جنائزهم ولانعزيهم في موتاهم، ولانقر البدع
المشابهة لبدعهم كالموالد وماشابهها من أعمال يردها قول النبي : ((من عمل عملاً
ليس عليه أمرنا فهو رد)) نخالفهم حتى في صباغة الشعر الذي كلفت به نساؤنا تقليداً
لهم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((إن اليهود والنصارى لايصبغون
فخالفوهم)) [متفق عليه]. والمراد خضاب شعر اللحية والرأس الأبيض بصفرة أو حمرة كما
قال النووي.
قال سفيان بن عيينة رحمه الله: (من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من
عبادنا ففيه شبه من النصارى)، وهكذا، ولكن كان أمر الله قدراً مقدوراً، قد حصل في
أزمنة عديدة وفي هذا الزمن خاصة ما وعد به الصادق المصدوق في الصحيحين من قوله:
((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه،
قالوا: يارسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن)).
وهكذا دخل كثيرون منا في كل المضايق والمهلكات التي دخلوها فركبنا الأخطار إذا
ركبوها، وضيعنا الدين إذا ضيعوه، وتركنا الحياء حيث تركوه.
وقال تعالى: ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباؤا
بغضب من الله ، فباؤا بغضب على غضب ، ونتلوا عن الضالين النصارى: لقد كفر الذين
قالوا إن الله ثالث ثلاثة ، قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق
ولاتتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل ، يا أهل
الكتاب لاتغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم
رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه .
عباد الله: هل بعد هذا ينحرف مسلم عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم أو
الضالين؟ إن النبي بعد أن بين أنه لاتزال طائفة من أمته ظاهرة على الحق لايضرها من
خالفها حتى تقوم الساعة، وأن الله لايجمع أمته على ضلالة ولايزال الله يغرس في هذا
الدين غرساً يستعملهم في طاعته، مع هذا خشي على أمته من الإنحراف عن الصراط
المستقيم وحذرها من سبل الكافرين أجمعين شفقة عليها ورحمة لها من النار والهلاك في
الدنيا والآخرة فتلى عليهم قول الحق تبارك وتعالى تحذيراً لهم: ود كثير من أهل
الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعدما تبين لهم
الحق لذا صاح في أمته صيحات خالدة محذراً من التشبه بالكفار عموماً في المعتقد أو
العمل أو المظهر ثم جعلناك على شرعة من الأمر فأتبعها ولا تتبع أهواء الذين
لايعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً .
فلا تتخذ الأحبار والعلماء والرهبان والعباد أرباباً من دون الله.
-------------------------
الخطبة الثانية
لم ترد.
(1/847)
[center]
الحث على التواضع واجتناب
الكبر
-----------------------
الرقاق والأخلاق والآداب
مكارم الأخلاق
-----------------------
محمد الداه بن أحمد الشنقيطي
نواكشوط
جامع الشرفاء (جامع القرآن)
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- فضل التواضع وذم الكبر. 2- أن الكبر لا يكون من عاقل. 3- أعظم البوعث على
التواضع.
-------------------------
الخطبة الأولى
عباد الله: إن التواضع لله وخفض الجناح للمؤمنين من شيم الصالحين المتبعين، وإن
الكبر والتكبر من أعمال الجاهلين والكافرين والجبابرة المتغطرسين، وإن عاقبة
المتواضعين أن يرفعهم الله فوق العالمين، وعاقبة المتكبرين أن يمقتهم الله ويبغضهم
لخلقه أجمعين ويجعلهم في الآخرة ذليلين وفي أسفل سافلين، قال الله تعالى لنبيه:
واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ، ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض
ولن تبلغ الجبال طولاً كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروهاً ، ولا تصعر خدك للناس ولا
تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن
أنكر الأصوات لصوت الحمير ، ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر
مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم ، سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض
بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً
وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً ، أفكلما جاءكم رسول بما لاتهوى أنفسكم استكبرتم
ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون ، وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في
آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا وأستكبروا إستكباراً ، يا أيها الناس إنا خلقناكم
من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، يا
أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة
على المؤمنين أعزة على الكافرين .
كفى بالقرآن واعظاً، كفى بالقرآن زاجراً، كفى بالقرآن معلماً ومؤدباً.
عباد الله: إن الله يأمركم بخفض الجناح والتواضع، وينهاكم عن التكبر على الحق وعلى
الخلق، ويبين لكم عاقبة أقوام تكبروا على الحق وعلى الخلق فأهلكهم وجعلهم عبرة
للمعتبرين، فالسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقى في بطن أمه، فهل يمشي في الأرض
مرحاً وخيلاء من يعلم ضعفه وعجزه وأوله وآخره وقذارة ما يحمل في بطنه؟ فهل يتعالى
على الناس من يعلم أنه لا يخرق الأرض برجله ولا يبلغ الجبال بهامته؟
كيف تصعر خدك تكبراً على الناس وأنت تعلم أن الله لا يحب كل مختال فخور؟ إن المؤمن
لايقلد المستكبرين الذين توعدهم الله بالعذاب الأليم والخلود في دار الجحيم، وكيف
يقلدهم وهو يعلم أن النبي قال: ((إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لايفخر أحد على
أحد ولايبغي أحد على أحد))(1)، وكيف يرضى مسلم بدار الهوان ويترك عز الدنيا
والآخرة الذي وعد به المتواضعون المخبتون: وبشر المخبتين .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله
عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))(2)، فلا تزكوا أنفسكم هو
أعلم بمن اتقى .
-------------------------[/center]